Search This Blog

الثلاثاء، 30 مايو 2023

055 حَذَارِي مِنْ زِينَةِ لْحَيَاةِ الدُّنْيَا


التحذير من الاغترار بزينة الدنيا
-------------------------------
الحمد لله الذي جعل الدنيا دارَ فناء، والآخرةَ دار بقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله، حذَّرنا أن نغترَّ بالدنيا ومفاتِنها، فهي سوق قام ثم انفضَّ، ربِح فيه مَن ربح، وخسِر فيه من خسر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، لم تفتنه الدنيا بزخارفها وزينتها، ولم يَستجِب إلى ندائها وتغريرها، بل أخذ منها بقدر ما أراد الله تعالى له أن يأخذ، وعمِل لآخرته أكثرَ مما عمِل لدنياه، وخاطبه ربه قائلاً: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، الذين أداروا ظهورَهم لمفاتن الحياة ولهوها وزينتها وتَفاخُرها: ﴿ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 8].

أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى؛ فإن خير ما يتزوَّد به المرءُ التقوى، ومن العمل بما يحب الرب ويرضى، فإن هذا أمر الله تعالى لأُولي النُّهى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

ويجعل الله - عز وجل - لهذه التقوى ثمرة ونتيجة دنيا وأخرى، يجعل الله سبحانه وتعالى لأهلها فُرقانًا، ويَستُر ذنوبَهم وعيوبهم وعوْراتهم، ويؤمِّن روعاتهم، يغفر الله - جل وعلا - لهم الذنوبَ، ويمحو الله تعالى عنهم الآثام، ويمنحهم الخيراتِ العِظام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]، ومتى اتقى العبدُ ربَّه، جعل الله تعالى له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية، ومن كل اختبار نجاحًا وفوزًا وفلاحًا: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، فالعبد فقير إلى ربه محتاج إليه، وإلى مدِّه بالعون من عنده في أمر دينه ودنياه: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، ولكن ما يمنح الله تعالى عبيدَه مما هو محبوب في النفوس، ومرغوب فيه؛ من مال وبنين، وأنهار وبساتين، ومنازل طيبة للساكنين، هي ابتلاء وامتحان، وفتنة واختبار، أيشكر عبده أم يَكفُر؟ ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]، وفيه تمحيص لاتجاه العبد، أيغترُّ بهذا النعيم الزائل الفاني، فيرغب فيه ويَركَن إليه عن النعيم الثابت الباقي؟ ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46]، فالمال والبنون زينة للنفوس، ومحسنة في الجِبلَّة، وهواية لكل ميول إلا ما شاء الله، فهذه الآية الكريمة تُقرِّر أن القيم ليست في الحقيقة هي المال، وليست هي الجاه، وليست هي السلطان، وليست هي اللذات والمُتُع في هذه الحياة الدنيا، إذًا هي غير باقية، ولا محالة زائلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Recent Posts

Recent Updates

Recent Comments